تواجه المؤسسات مجموعة متنوعة من التحديات التي قد تُعرض عملياتها وسمعتها للخطر. فإن إدارة الأزمات تلعب دورًا حاسمًا في ضمان بقاء المؤسسة ونجاحها. يهدف هذا المقال إلى استكشاف أهمية إدارة الأزمات، ويتناول المراحل والخطوات الرئيسية، ووضع خطط في إدارة الأزمات لبناء ثقافة مؤسسية قوية وقادرة على التكيف.
مفهوم إدارة الأزمات
إدارة الأزمات Crisis Management هي عملية تحديد وتقييم ومعالجة التهديدات المحتملة التي قد تؤثر على عمليات المؤسسة وسمعتها وأصحاب المصلحة. تشمل إدارة الأزمات الوقاية من الأزمات من خلال التخطيط الاستراتيجي وتنفيذ خطط الاستجابة القوية عند حدوث الأزمة. من خلال اتخاذ نهج شامل لإدارة الأزمات، يمكن للمؤسسات تقليل التأثير السلبي للأزمات والظهور أقوى في وجه الصعاب.
بدايةً ما تعريف الأزمة
الأزمة: هي موقف ينتج عنه تغيرات ذات مخاطر متوقعة وغير متوقعة. تهدد أهداف أو معتقدات أو ممتلكات الأفراد والمنظمات والدول. وبإدارة الأزمة يتمكن الفرد أو الفريق من تجنب أضرارها أو الحد منها. وذلك عن طريق رسم خطة واضحة لمواجهتها ومن ثم احتوائها واستعادة النشاط بعد وقوعها.
5 أسئلة استفهامية في إدارة الأزمات
ولتحقيق النجاح في إدارة الأزمات لا بد من استكشافها ومعرفة أبعادها. وللوصول إلى ذلك عليك استخدام أدوات الاستفهام الخمس:
- متى: متى حدثت الأزمة ومتى علمنا بها ومتى تطورت أبعادها.
- من: من مُسبب الأزمة؟ ومن المستفيد منها؟ من المتضرر منها؟ ومن المؤيد أو المعارض لها؟ ومن المساند لها ويستطيع مواجهتها؟
- كيف: كيف بدأت؟ وكيف تطورت؟ وكيف أدركناها؟
- لماذا: لماذا ظهرت الأزمة؟ ولماذا تفاقمت؟ لماذا لم تتوقف؟ ولماذا نواجهها؟
- أين: أين يتمركز الخطر؟ وأين يتوسع أو يتحرك؟
إن الإجابة على الاستفهامات الخمس ستفتح لك آفاقًا في تحديد الخيارات المناسبة لإدارة الأزمة باقتدار.
مراحل إدارة الأزمات
1. مرحلة ما قبل الأزمة:
تشير مرحلة ما قبل الأزمة إلى الفترة التي تسبق حدوث الأزمة الفعلي. خلال هذه المرحلة، يجب على المنظمات التركيز على التدابير الاستباقية لتخفيف المخاطر وتعزيز الاستعداد.
2. مرحلة أثناء الأزمة:
تشير إلى الفترة التي تتكشف فيها الأزمة ويتعين اتخاذ إجراءات فورية. تتطلب هذه المرحلة الاستجابة السريعة والتنسيق الفعال واتخاذ القرار.
3. مرحلة ما بعد الأزمة:
تشير إلى الفترة التي تلي انحسار الأزمة المباشرة. خلال هذه المرحلة، تحول المؤسسات تركيزها نحو التعافي والتعلم من التجربة وزيادة المرونة.
خطة إدارة الأزمات
هي عملية ثابتة يتبعها العمل عند التعامل مع حالة طوارئ معطلة أو غير متوقعة. يجب أن تكتمل خطة إدارة الأزمات الخاصة بك قبل الأزمات حتى يكون عملك جاهزًا للتغلب على أي أحداث غير متوقعة وتصحيحها.
إذا واجه نشاطك التجاري أزمة من أي نوع ولم يكن مزودًا بخطة لإدارة الأزمات توضح بالتفصيل كيفية تعاملك مع الموقف، فمن المحتمل أنك ستواجه عواقب وخيمة وطويلة الأمد. قد تكون هذه النتائج مرتبطة بمختلف القضايا القانونية والتشغيلية والعلاقات العامة. اعتمادًا على مدى الضرر، قد تؤدي حالة الأزمة إلى توقفك عن العمل.
أهمية وضع خطة إدارة الأزمات
- تساعدك في الحفاظ على سمعتك الطيبة مع العملاء والمنافسين وقادة الصناعة أثناء الأزمة وبعدها.
- تحسين سلامة وصحة ورفاهية كل من يعمل في شركتك ويتعامل معها.
- تمنحك راحة البال كصاحب عمل لأنك جاهز للتصدي لأي موقف يعترض طريقك.
- زيادة الإنتاجية أثناء وبعد الأزمة. سيعرف الجميع دورهم ووظائفهم خلال الأزمة.
كيف تضع خطة محكمة لإدارة الأزمات
إليك الاستراتيجية التالية لوضع خطة إدارة الأزمات بما يتوافق مع جميع أنواع الأزمات الممكن حدوثها:
1. تحديد جميع أنواع الأزمات الممكنة:
أول خطوة عليك القيام بها أثناء وضع خطة هي تحديد جميع أنواع الأزمات المحتملة التي قد تعترض نشاطك التجاري. ضع في اعتبارك الفئات المختلفة للأزمات التي يمكن أن تكون أكثر عُرضة لها، أهمها:
- الأزمة المالية: الأمور التي قد تُسبب انخفاضًا في الطلب على أصول المؤسسة، ورواتب الموظفين، وكل ما يتعلق بالميزانية العامة للمؤسسة.
- الأزمة التنظيمية: العمليات والممارسات التي تهدف إلى تحقيق الأهداف المحددة وتنظيم النشاطات في إطار منظمة أو مؤسسة.
- الأزمة التكنولوجية: تعطل الخوادم أو أحد البرامج أو توقف نظام تكنولوجي عن العمل. قد يتسبب في خسارة المؤسسة لمبالغ كبيرة من الإيرادات أو جعل العملاء يشككون في موثوقيتها.
- أزمة الموظفين: عندما يتورط موظف أو شخص آخر مرتبط بعمل ما في نشاط أو سلوك يعتبر غير أخلاقي و/ أو غير قانوني. قد يحدث سوء السلوك هذا في مكان العمل أو خارجه ويمكن أن يكون مرتبطًا بحياة العمل أو الحياة الشخصية للفرد المعني.
2. تحديد تأثير كل نوع من أنواع الأزمات على العمل:
من خلال تحديد التأثير الذي يمكن أن تحدثه كل أزمة على عملك، ستتمكن من فهم كل زاوية محتملة لتهديد أو كارثة، وبالتالي الاستعداد لها بشكل مناسب. الأمثلة تشمل:
- خسارة في المبيعات
- عدم رضا العملاء
- زيادة المصاريف (لإصلاح مشكلة ما)
- انخفاض في ولاء العملاء لعلامتك التجارية
3. تعيين الإجراءات اللازمة لحل كل نوع من أنواع الأزمات:
بعد تحديد نوع الأزمة ومدى تأثيرها على نشاطك التجاري. يتوجب عليك الآن تعيين الإجراءات اللازمة لاتباعها في حل الأزمة. يمكنك تنفيذ الأساليب المختلفة لإدارة الأزمات والتي أشهرها:
إدارة الأزمات سريعة الاستجابة: هذا عندما يكون لدى العمل استجابة معدة مسبقًا لنوع محدد من حالات الأزمات يمكن تنفيذها في أي وقت. يمكنك استخدام نظرية الاتصال في حالات الأزمات الظرفية (SCCT) لمساعدتك في تطوير استراتيجية الاستجابة هذه حتى تكون مستعدًا للتعامل مع أي حدث غير متوقع.
إدارة الأزمات الاستباقية: عندما تتوقع المؤسسة أنواعًا محددة من الأزمات وتستعد لها استعدادًا استباقيًا. بمعنى آخر، عند حدوث أزمة أو كوارث طبيعية مثل الأعاصير والعواصف لا بد من التحضير لهذا الأمر والعمل عن بعد على سبيل المثال.
إدارة أزمات التعافي: عندما تدير الشركة أزمة لم تكن متوقعة لأنها حدثت فجأة. مثل حدوث الأزمة التكنولوجية. إذا كان برنامج العمل يعمل بشكل مثالي وفي لحظة معينة وتوقف فجأة. فإن ذلك يؤثر على الموظفين بالإضافة إلى العملاء الذين يستخدمون البرنامج.
4. شكّل فريق لإدارة الأزمات:
لابد من وجود أشخاص لتنفيذ الإجراءات التي ذكرناها آنفًا. شكل فريق لإدارة الأزمات المتوقعة. قد يشمل هذا الفريق
موظفين محددين من ذوي الخبرة في مجالات مختلفة في المؤسسة، مثل :الموارد البشرية والعلاقات العامة، وأي شخص آخر تراه مناسبًا بناءً على استراتيجياتك المحددة. وزع المهام على الجميع وإذا كانوا بحاجة إلى تدريبات معينة لا تفكر في تأجيل الأمر.
5. ضع حل لكل نوع من أنواع الأزمات:
من خلال الخطوات الأربعة المذكورة أعلاه، ستتمكن من وضع حلول مناسبة. تختلف الحلول بناءً على نوع الأزمة والخطة ككل. فيما يلي بعض الأسئلة الشائعة تفيدك في تطوير ووضع حلول ملاءمة:
- كم من الوقت يستغرق حل الأزمة؟
- ما هي الأدوات والموارد التي تحتاجها؟
- كم عدد الأشخاص وأي منهم الذين حددتهم للمشاركة في التخطيط لحل الأزمة؟
- هل ستحتاج لمخاطية العملاء بشكل مباشر؟
- ما هو سبب الأزمة وكيف تستطيع منع حدوثها مرة أخرى؟
خطوات إدارة الأزمات
إلى جانب إنشاء خطة إدارة الأزمات الخاصة بالمؤسسة، من المهم فهم الخطوات المختلفة للأزمة وإدراكها.
1. التحليل والتقييم: يتم تحليل الأزمة وتقييمها بدقة. يجب تحديد نوع الأزمة ومصدرها والمخاطر المحتملة المرتبطة بها. تشمل أيضًا تقييم الأثر المحتمل للأزمة على المؤسسة وتحديد الأهداف والأولويات.
2. التخطيط والاستعداد: بناءً على التحليل والتقييم السابق، يجب وضع خطة استجابة للأزمة. يشمل ذلك تعيين الأدوار والمسؤوليات وتنظيم فرق الأزمة ووضع الإجراءات والبروتوكولات المناسبة. يجب أن تكون الخطة مرنة وقابلة للتعديل للتكيف مع التحديات المتغيرة.
3. الاستجابة: تتم استجابة سريعة للأزمة وتنفيذ الخطة المعدة سابقًا. يتضمن ذلك التواصل الفعال مع الفرق المعنية وأصحاب المصلحة، واتخاذ القرارات الحاسمة، وتنفيذ الإجراءات اللازمة للتحكم في الأزمة وتقليل التأثيرات السلبية.
4. التعافي: بمجرد أن تنحسر الأزمة، يتعين الانتقال إلى مرحلة التعافي والانتعاش. يشمل ذلك تقييم الأضرار والخسائر وبدء عمليات الإصلاح والتعويض. يجب أن يتم تعلم الدروس من الأزمة وتحسين استراتيجيات إدارة الأزمات للمستقبل.
5. التقييم والتعلم المستمر: في هذه الخطوة الأخيرة، يتم تقييم استجابة المؤسسة للأزمة وأداء فرق الأزمة. يجب تحليل الأداء وتحديد نقاط القوة والضعف وتحسين إجراءات إدارة الأزمات. يساهم التعلم المستمر في تعزيز القدرة على التكيف والتحضير للأزمات المحتملة في المستقبل.
في النهاية
إدارة الأزمات هي جزء أساسي من الصمود والنجاح التنظيمي. من خلال تبني التخطيط الاستباقي والتواصل الفعال واتخاذ القرارات المرنة والمشاركة مع أصحاب المصلحة والتزام التعلم المستمر، يمكن للمؤسسات التنقل خلال الأزمات بمزيد من المرونة والتكيف. وبذلك، يمكنها حماية عملياتها وسمعتها وأصحاب المصلحة، والظهور بقوة وأكثر استعدادًا لمواجهة التحديات المستقبلية.
أقرأ أيضًا: أفضل 10 ممارسات في إدارة المشاريع
المصادر